فى ظل التوجه الحكومى الواضح نحو تحقيق طفرة صناعية تأتى قضية تسعير الغاز الطبيعى للقطاع الصناعى لتمثل شعرة رقيقة مثل شعرة معاوية، فتطبيق الأسعار العالمية التى يبلغ متوسطها حاليا 13 دولارا للمليون وحدة حرارية على الغاز المباع للصناعة بمصر سوف تكون له تداعيات مؤثرة على أسعار منتجاتها محليا، وعلى الناحية الأخرى فإن استمرار بيع الغاز لهذه المصانع بأسعار مدعومة يبلغ متوسطها حاليا 5.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية امر لا يستقيم خاصة وان بعض هذه المصانع تبيع منتجاتها محليا أعلى بكثير من الأسعار العادلة . الدعوة الى إعادة هيكلة سعر الغاز للمصانع فى مصر يجب أن يكون على رأس اهتمامات الحكومة خاصة مع انخفاض الإنتاج المحلى من الغاز واستيراد الدولة كميات كبيرة منه العام الحالى ، إضافة الى إحساس المواطنين ان الشركات المستفيدة من الغاز المدعوم ترفع أسعار منتجاتها بشكل كبير اذا ارتفع سعر احد مدخلات الانتاج عالميا ولا تخفض الأسعار عند انخفاض أسعار الخامات . وفقا للعديد من الدراسات فإن نسبة الغاز الطبيعى من اجمالى تكلفة إنتاج طن الحديد تتراوح بين 20% و30%، وفى صناعة الأسمنت بين 10% و15%، وفى صناعة السيراميك بين 20% و30% بينما فى صناعة الأسمدة، يشكل نسبة كبيرة من التكلفة الإجمالية للإنتاج، حيث يُستخدم كمصدر للطاقة، وأيضًا كمادة خام وتتراوح النسبة بين 50% و70% . رغم حصول الصناعات الكثيفة الاستهلاك للطاقة فى مصر على الغاز بما يعادل %50 من سعره عالميا الا ان أسعار منتجاتها بالسوق المحلية اعلى من الأسعار العالمية ومثال ذلك يبلغ سعر حديد التسليح عالميا نحو 600 دولار للطن فى حين يبلغ سعره محليا نحو 40 الف جنيه . نعم هناك دول مثل تركيا الجزائر و إيران و المملكة العربية السعودية تقدم دعما لأسعار الغاز الطبيعى والطاقة الموجهة للصناعات كجزء من سياساتها الاقتصادية لدعم النمو الصناعى بها الا ان هذا الدعم يستند الى معايير اساسية منها الأهمية الاستراتيجية للصناعة والصناعات التى تعتبر أساسية للنمو الاقتصادي، مثل الصناعات الثقيلة، وايضا الصناعات التى توفر فرص عمل كثيرة و يكون كل ذلك مرتبطا بعدالة سعر منتجات هذه المصانع محليا. إعادة النظر فى أسعار غاز الصناعة لا تعنى بالضرورة الغاءه، ولكنها تستهدف استناده الى معايير تحافظ على الشعرة الرقيقة بين الترشيد والاهدار وطبقا لآلية او معادلة مرتبطة بأسعار المنتجات النهائية، بحيث يتم تخفيض الدعم عن المصانع التى تبيع منتجاتها بأعلى من الأسعار العالمية وتوجيهه للصناعات التى تعانى ضغوطا حقيقية فى التنافسية، أو تلك التى تقدم منتجات ضرورية للسوق المحلية بأسعار معقولة.